سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، مرحبًا بالزّوار الكرام ، وأعتذر عن التواصل مع النساء ، جعلنا الله جميعًا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه ، كما أسأله جلّ وعلا أن يوفّقنا لما يحبه ويرضاه .

دراسةٌ لشيءٍ من كتاب : « من العرش لأنوار طه » في ١٤٣١/١/٥هـ .


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ، والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن اقتفى أثره ، واتبع هداه .. أما بعد :
فهذه دراسة لشيءٍ من كتاب : « من العرش لأنوار طه » لمؤلفه : حاتم عمر طه ، ولم أستوعب كامل الكتاب نظرًا لكبر حجمه ؛ إذْ يقع في حوالي ( ٥٥٥ ص ) من الحجم الكبير ، وملخص الدراسة الآتي :



­
أولاً : الملحوظات العامة :
١ - الكتاب ينهج منهج الصوفية الخرافية القبورية ؛ بل المِلل السابقة في تتبع آثار الأنبياء والصالحين ، ولكن بأسلوب جرئ في الطرح ، دون ترك مستمسك على صاحبه ؛ حيث يعمد إلى كتب التاريخ والسيرة النبوية ، وينقل النص منها ، ثم – وهنا الجرأة – يستخدم الوسائل الحديثة من صور وخرائط للدلالة على أماكن مزعومة لقبور وآثار الأنبياء – باستثناء ما اتفق عليه العلماء في تحديدها كقبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وقبر النبي موسى – عليه السلام – عند الكثيب الأحمر كما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو قبر الخليل إبراهيم - عليه السلام ، وفيه نزاع - ، فإذا نوقش المؤلّف تخلّص بأن هذا كتاب تاريخ الأنبياء ، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، بينما الكتاب حقيقته ، كما تقدّم .
 هذا ؛ وقد اشترك مع المؤلف مجموعة تتكون من ١٦ فردًا من بينهم نساء ، قاموا بجمع المادة العلمية ، وإعداد الخرائط والمواد التوضيحية ، وتخريج ومراجعة الأحاديث والروايات ، وكتابة النصوص والمراجعة اللغوية ، وأخيرًا المشاركة في الإخراج ؛ كل ذلك لغرض الدلالة على أماكن الآثار ، وتقريبها للناس .
وهذه الآثار ليس هناك ما يثبت صحتها سوى ما استثنيناه - آنفًا - ، كما أنه ليس هناك كبير فائدة في معرفة تلكم الأماكن ، ولم يغفلها الشارع الحكيم عبثًا .
أفاده شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في عدة مواضع من الجزء السابع والعشرين من مجموع الفتاوى .
٢ - يذكر المؤلّف عدة نصوص وأدلة في الموضع الواحد ، ويلحظ عليه :
أ – إما الاستدلال بدليل صحيح ( آية أو حديث أو أثر ) ، ولكنه غير صريح الدلالة .
ب - أو الاستدلال بأدلة لم تثبت في ميزان النقد الحديثي .
ت - طريقته في العزو غريبة ، فتارة يذكر الحديث أو الأثر ولا يخرّجه .
ث - وتارة يخرّج الحديث أو الأثر دون بيان الدرجة صحة أو ضعفًا .
٣ - ثم هو إذا لم يجد دليلاً على ما ذهب إليه ، يلجأ إلى التوقع والحدس والتخمين ، ثم يتبع كلامه بقوله : والله أعلم . 
ثانيًا : بعض الملحوظات التفصيلية  :
١ - في عنوان الكتاب :
أ - دعوة لاعتقاد نوارنية النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه استمد النور من العرش .
ب - وفيه الزعم أن طه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يثبت ، ويُلحظ مطابقة لقب المؤلف له .
٢ – كلمة المؤلف في أول الكتاب ، وفيها :
أ – قوله : " .. ونبني الدور والقلاع والمعابد والمساجد .. " .
ب – وقوله : " .. فكان كما كنا نتمنى سفر استمد نوره من العرش حتى وصل لأنوار طه .. " .
٣ – ص١٤ سطر٦ وما بعده : استدل بحديث موضوع – كما نقله عن الذهبي في الحاشية - " لما اقترف آدم الخطيئة قال ( يا رب أسألك بحق محمد إن غفرت لي ) فقال الله ( كيف عرفت محمدًا ولم أخلقه بعد ) .. " .
    إلى أن قال " .. فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إلي وإذا سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك " .
فجاء المؤلّف ، وبنى عليه قناعة وهي قوله : " .. فمن هذا يتضح بأن من أراد قراءة سيرة حبيب الله محمد عليه الصلاة والسلام لزمه الأمر أن يبدأ من حيث البداية من بداية الخلق ومن حيث كان عليه الصلاة والسلام متنقلاً في أصلاب الصالحين المطهرين من كل رجس ودنس .. " .
٤ – ص٢٣ سطر١٩ وما بعده : ذَكَر عظمة خلق الملائكة مستدلاً بحديث منكر - كما نقله عن ابن كثير في الحاشية - " إن لله ملَك لو قيل له التقم السموات والأرضين بلقمة واحده لفعل وتسبيحه سبحانك حيث كنت " .
٥ – ص٣٥ سطر٩ وما بعده : ذكر موضع هبوط آدم وحواء ، ومن ضمنها في سطر١٤ : " وفي جنوب سريلانكا جبل يقال له سرنديب يقال أن آدم عليه السلام أهبط عليه ، وعلى هذا الجبل يوجد معبد به أثر على الصخر يقال أنه أثر قدم آدم عليه السلام والله أعلم " .
- ثم أتى في ص٣٧ ووضع خارطة لموقع الجبل ، وصورة أخرى للجبل ، وقال تحتها :
" جبل سرنديب بسريلانكا حيث أُهبط آدم عليه السلام " ، - وفي ص٣٨ وضع صورة رجل – لعله : بوذي – يرفع يديه ، ويدعو الأثر المزعوم ، ثم علّق عليها : " أثر قدم سيدنا آدم عليه السلام والموجود في المعبد المقام على جبل سرنديب " ، وانظر الصورة الأولى ص٣٩ ، و ص٤١ ، والتعليق عليهما .
٦ – ص٣٩ الصورة الثانية ، وعلّق عليها : " جبل الرحمة بعرفات حيث التقى آدم عليه السلام بحواء بعدما نزلا إلى الأرض " .
٧ – ص٤١ الصورة الأولى ، ولم يعلّق عليها بشيء ، وفيها صورة قبر أثناء الكلام عن هابيل ، وعليها رجل يتمسح بالقبر ، والصورة الثانية خارطة لقبر هابيل في سورية .
٨ – ص٥٠ سطر١٢ قوله - دون تخريج - : " ويُذكر عند أهل الكتاب أن الله سبحانه وتعالى عهد إلى نوح عليه السلام أن لا يعيد الطوفان على أهل الأرض وجعل تذكارًا لميثاقه إليه القوس الذي في الغمام وهو قوس قزح فهو أمان من الغرق كما ذكره ابن عباس " .
٩ – ص٥٣ سطر٦ قال – دون تخريج - : " وروى عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب أنه ذكر صفة قبر هود عليه السلام في بلاد اليمن وذكر آخرون أنه بدمشق وبجامعها مكان في حائطه القبلي يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام والله أعلم " ، ثم وضع صورة بها كتابة " مرقد أنبياء الله هود وصالح عليهم السلام " ، وعلّق عليها " سورية " ، وصورة أخرى ، وعلّق عليها : " قبر النبي هود في سلطنة عمان وهو قد يكون الأصح لقربه من موقع قريته التي هلكت وهذا أقرب للصواب من الموقع الآخر الذي يدعي به البعض في دمشق بسورية " . 
١٠ – ص٥٨ سطر١٥ يتكلم عن الخلاف في آزر هل هو والد إبراهيم – عليه السلام – أم عمه ، ثم يقول : " وبعض المحدثين ومنهم الشيخ الشعرواي رحمه الله يقرروا .. " الخ .
١١ – ص٦١ سطر الأول يحكي قصة تعذيب إبراهيم عليه السلام ، ومن ضمنها يقول – دون تخريج - : " وأن أمه نادته يا بني إني أريد أن أجيء إليك فادع الله أن ينجني من حر النار حولك فقال نعم فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار فلما وصلت إليه عانقته وقبلته ثم عادت " .
١٢ – ص٦٢ سطر١٧ قوله – دون تخريج - : " فقد ذكر أن إبراهيم عليه السلام لما نزل بيت المقدس وأوحى الله إليه إني جاعل هذه الأرض لخلفك من بعدك، ابتنى إبراهيم مذبحاً لله شكراً على هذه النعمه وضرب قبته شرق بيت المقدس " .
١٣ – ص٦٩ الصورة الوسطى علّق عليها : " كهف لوط " ، وتعليقة أخرى : " وبجوار البحر الميت من جهة الجنوب الشرقي يوجد قريتين يطلق عليهما سدوم وعمورية حاليا كما يوجد كهف منسوب لسيدنا لوط عليه السلام .. الخ " .
١٤ – ص٧٢ صورة أسفل الصفحة ، ويظهر بها أناس يدعون مستقبلين الضريح ؛ علّق عليها : " ضريح النبي شعيب عليه السلام " .
 ١٥ – ص٧٣ السطر الأخير قوله - دون تخريج - : " وقد بعث إسماعيل عليه السلام رسولاً إلى أهل مكة وما حولها من المدن " .
١٦ – ص٧٤ سطر٣ قوله : " وقد دفن إسماعيل مع أمه هاجر في الحِجْر في الكعبة المشرفة .. الخ " . 
١٧ – نفس الصفحة صورة لقبر – ولم يعلق عليها - أثناء الكلام عن إسحاق ويعقوب ، عليهما السلام .
١٨ – ص٧٥ سطر٧ قوله : " فهذه السلالة الطاهرة المباركة أبناء الخليل عليه السلام وحتى يكتمل لنا القرب منه عليه السلام لنا أن نعرج بعض الشيء لبعض مآثره .. الخ  " .
١٩ – ص٧٦ صورة في أعلى الصفحة ، وعلّق عليها : " مدخل قبور آل إبراهيم " .
- وأسفل الصفحة نفسها صورة أخرى – دون تعليق منه - ، ويظهر فيها بالخط العريض " هذا قبر سيدتنا سارة رضي الله عنها زوجة النبي خليل الرحمن عليه السلام " . 
٢٠ – أعلى ص٧٧ ثلاث صور علّق عليها : " هذا الغار الشريف طبعا مقفل ، عند النزول فيه ممكن مشاهدة قبور الأنبياء وآل إبراهيم " .
٢١ – ص٧٧ سطر١٧ بعد أن ذكر أن أخبار كيف مات إبراهيم عليه السلام كثيرة ، وأنها من أخبار أهل الكتاب ؛ قال : " ويروى أن قبره وقبر ولده إسحاق وفير ولد ولده يعقوب في المربعه التي بناها سليمان بن داود عليهم السلام ببلد حيرون في أرض فلسطين وهذا ما تواتر أمة عن أمة " .
٢٢ – ص٧٩ سطر١١ ذكر أثرًا طويلاً نقلاً عن الزبير بن بكار في كتاب ( نسب قريش ) عن جعفر بن محمد " .. قال كنت مع أبي محمد بن علي بمكه ( هو محمد بن الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين ) في ليالي العشر قبل التروية بيوم أو يومين وأبي قائم يصلي في الحجر وأنا جالس وراءه فجاءه رجل أبيض الرأس واللحية .. " إلى أن قال في الصفحة التي تليها سطر١٥ : " .. فذلك الخضر عليه السلام " .
٢٣ – ص٨٠ السطر الأخير قصة بناء آدم وحواء للبيت ، وذكر فيه حديثًا ولم يبيّن درجته .
وهو حديث ضعيف كما نصّ عليه الحافظ ابن كثير - رحمه الله – في ( السيرة ) ( ١ : ٢٧٢ ) لوجود ابن لهيعة في سنده ؛ بل قال الألباني - رحمه الله – في ( السلسلة الضعيفة والموضوعة ) ( ٣ : ٢٣١ ) : منكر ، وأعلّه بالإضافة إلى ابن لهيعة ؛ بغفلة عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث ، ولين يحيى بن عثمان .
٢٤ – ص٨١ سطر٥ نقل أثرًا عن الأزرقي في أخبار مكة عن وهب بن منبه ؛ ملخصه أن الله أهبط لآدم خيمة مكان البيت فضربت في موضع الكعبة .. الخ ، ولم يبيّن درجة الأثر .
هذه بعض الملحوظات التي رأيتها فيما اطّلعت عليه من الكتاب .
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
حرر في ١٤٣٧/١/٢٥هـ